نتيجة بحث الصور عن الخليلي

الخليلي: الإسلام يأمرنا أن نمد يدنا بالسلام.. ولا يرضى لنا الاستسلام .. التعامل مع الشباب المتشدد دينيا يجب أن يكون باللين ومعالجة الأسباب الحقيقية .. الفجوة بين التنظير والتطبيق تؤدي إلى اتساع دائرة التطرف .. إلصاق كل تهم التفجيرات والإرهاب بالإسلاميين أمر يحتاج إلى أدلة وبراهين .. شارك مؤخرا سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي في "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" الذي انعقد في مدينة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال سماحة الشيخ في كلمته: إنّ من الواجب أن نشكر من أسدى إلينا معروفاً، فالشكر أولاً: لصاحب السمو رئيس الدولة، ولصاحب السمو الشيخ عبد الله بن زايد الذي دعانا إلى هذا الجمع الحاشد المبارك الموفق بمشيئة الله -تعالى-، والشكر لسماحة شيخنا ابن بَيَّه، ولجميع الذين نظَّموا هذا اللقاء الطيب.

وأضاف: كلمتي هذه ليست تعقيباً على حديث أحد، وليست محاولة إتيان بشيءٍ جديد، هي قبل كل شيءً لعلِّي أَعُدُّهَا استفساراً لي، أكثر من ملاحظة أردتُ أن أُبديها واسمحوا لي، فإن أصبتُ فمن الله - سبحانه وتعالى- وإن أخطأتُ فمن نفسي ومن الشيطان، ولا يُقَرُّ الخطأُ بأيِّ حالٍ من الأحوال، إن أخطأتُ فصوبوني وإن أصبتُ فاقبلوني.

ثم قال سماحته: لا ريب أننا كلنا نرغب في السلم، وما من عاقلٍ يريد الحرب ما دام يجدُ بُدّاً من الحرب، الحرب هي شرٌّ مستطير؛ ولكن لا بُدَّ من قبول الحرب عندما تفرض الحرب على الإنسان. نحن الآن في وضع سيءٍ -كما هو معلوم-، هناك جراح في فلسطين، هناك مآسٍ في بلاد إسلامية كثيرة، يُقتلُ المسلم على الهوية - كما هو الآن في إفريقيا الوسطى-، وهناك مآسٍ في كشمير، ومآسٍ في بورما، ومآسٍ في مناطق متعددة من العالم الإسلامي، هل يقابل هذا كله بالسلم؟! هل نحن نستقبل الغازين ونستقبل الذين يأتون لحربنا الذين يأتوننا بالصواريخ ونستقبلهم بالورود والزهور؟!

إن كان الأمرُ كذلك علينا أن نفكر في المستقبل، لا ريب أن هؤلاء يريدون أن يوسعوا الدائرة وأن لا يضيقوها بأي حال، لهم مطامع في كثير في البلاد، ربما الصهيونية تقول: بأن لهم حقاً تأريخياً في المدينة المنورة، وحسب ما سمعت من بعض العلماء بأنهم قالوا: بأن لهم حقاً في الكعبة؛ لأنها هي مؤسسة من قِبل إبراهيم -عليه السلام-، وإبراهيم -عليه السلام- هوَ جَدّهم!! فماذا عسى لو غزو لا قدَّر الله -تعالى- واحتلوا هذه المناطق أنقول: بأننا نسالمهم مع هذا كله؟!

وأوضح أن الله -سبحانه وتعالى- بَيَّنَ ما هي نتيجة الدفع ( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا  وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) [سورة الحج : 40]

و أشار سماحة الشيخ إلى محور آخر فقال: كذلك بالنسبة إلى الشباب الذين غلوا وتطرفوا وخرجوا عن حدود الاعتدال، إني سمعت كلاماً سرَّني من الشيخ العثماني حيث قال: بأن هؤلاء إنما كان تطرفهم وغلّوهم وخروجهم عن حدود الاعتدال ردّة فعل، فعلينا إذن أن نعالج المشكلة من أساسها، هؤلاء طلبوا الإسلام وأرادوا أن يروا الإسلام واضحاً ماثلاً في حياة الأمة؛ إلا أنهم فقدوه، فوجدوا هناك بوناً بين المبادئ والواقع، بين التنظير والتطبيق، رأوا هوّة سحيقة ما بين واقع الأمة الإسلامية في السياسة وفي الاجتماع وفي الإعلام وفي مناهج التربية وفي أمور كثيرة، وبين ما يتطلبه الإسلام؛ لذلك كانت هناك ردة فعل من قبلهم.

ومع الأسف الشديد -أيضاً- قلّت القدوة من العلماء التي يمكن أن يقتدوا بها وليسترشدوا بها، هناك تناقضات في الفتاوى، يصبح اليوم الإنسان يفتي بفتوى وينقضها في الغد بحسب الموجات السياسية، وهذا أمرٌ لا نريد أن نتحدث عنه، وإنما عانينا منه كثيراً، هذا الذي أدى بهم إلى ردود الأفعال وتابع أنا بنفسي لي تجربة مع هؤلاء، لي تجربة؛ لأنه زارني مسؤولان من الحكومة الجزائرية الشقيقة، مسؤول يُعنى بالدعوة الإسلامية، ومسؤول أمني، وطلبا مني رسالة إلى هؤلاء في أن يراجعوا أنفسهم ويعودوا، وجهت هذه الرسالة إليهم؛ ولكن بلغة لطيفة ليست بلغة التنفير، قلتُ: هم إخواننا وأبناؤنا وعلينا أن نحتضنهم، وطلبت منهم الرجوع إلى الجادة، وذكرتهم بما ينسب إليهم من التفجير والقتل والتدمير وما هي عاقبة هذا كله. هذه الرسالة بُثَّت من خلال وسائل الإعلام الجزائرية، ولعلَّ الإخوة الجزائريين الموجودين هنا يذكرون هذا، شريحة منهم رجعت، وفي نفس الوقت بعد هذا ذكّرتُ الحكومة الجزائرية عندما سافرت إلى الجزائر وطالبتها في أحد المنابر أن تكافأ هؤلاء بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى يجدوا مبتغاهم بالسلم لا بالحرب.

فإذن نحن علينا أن نطالب الحكومات حكوماتنا الإسلامية بتطبيق الشريعة الإسلامية حتى لا تكون هناك فجوة ما بين الواقع والتطبيق.

وزاد ما كُلُّ شيءٍ -أيضاً- نستطيع أن نُحَمّلهم إيَّاه كُلُّ ما يُقال أو ما يُنسب إليهم، أنا لا أدري؛ ولكن أحد هؤلاء الذين تورَّطوا في هذا الأمر عاد، ولما عاد جيءَ به إليَّ وتحدثتُ إليه، ولُمْتُهُ على ما يقع منهم من تفجير يأتي على البريء وغيره، فقال: بإنَّ هذه التفجيرات مفتعلة وليست من فعلنا ما كانت من فعلنا، أنا لا أدري هل هو صادقٌ فيما يقول أو غير صادق، لكن مهما كان المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

فلذلك أنا أُطالب بأن يخاطبوا بلغة اللطف لا بلغة الشدة والعنف (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ  ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) [سورة فصلت : 34]

واسترسل أسأل الله -سبحانه وتعالى- التوفيق لرأب الصدع وجمع الكلمة على ما يحبه الله -تعالى- ويرضاه وتحقيق السلم لهذه الأمة ثم للعالم على أن يكون هذا السلم ليس سلم الذلِّ، الإسلام يدعونا إلى السلام؛ ولكن لا يرضى لنا الاستسلام، فالسلم يُعطى بيد ويُؤخذ بيد، المسلمون عليهم أن يعطوا السلم بيد وأن يأخذوه باليد الأخرى بحيث لا يكونون راضخين لمن يريدون أن يستذلوهم.

-----------------------

جريدة الرؤية: الخميس, 13 مارس/آذار 2014