سورة فاتحة الكتاب وتسمى أم القرآن ، والأساس ، وفاتحة كل شيء أوله ، وأمه وأصله ، وأساسه ومبدؤه ، وما أحقها بهذا لافتتاح الكتاب بها ، وانطوائها على سياق الثناء ، على الصفات والأسماء ، الدالة على كيفية التوحيد ، وكمية التفريد ، واحتوائها على نسيج مدارج الوصول إلى الله على معارج العلم والعمل الصالح ، وكون التلمح أمر بالإقامة ، على طريق الاستقامة ، التي ليس بشيء في الوجود إلا لأجلها موجود ، مع ما اشتملت عليه من القصص وإخباراً عن حال الفريقين من المالك ، والآخر الهالك ، وما في خلال ذلك التصريح ، من خصال التلويح ، بالوعد والوعيد ، لمن لحنها ولمن ضل عن طريق الاستقامة زل ، وعلى الجملة فهي كالجملة في مبانيها ، وما عداها فكالتفصيل لمعانيها ، فهي المبدأ وذلك منها ينشأ ، وتسمى : الكافية والواقية والشافية . لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وهي شفاء من كل داء ) وسورة الحمد والشكر والدعاء والصلاة ، لاشتمالها على ذلك .
وتسمى السبع المثاني لأنها تثنى في كل صلاة ، بل في كل ركعة منها ، وتكفي الركعات السرية وحدها ، ولا يكفي غيرها عنها ، إذ كل صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج . ولها أسرار عظيمة حتى أنه يروى عن محمد الغزالي أنه ذكر أن فيها من الخواص ألفاظاً ظاهرة وألفاظاً باطنة ، وهي سبع آيات بالاتفاق ، مكية على الأصح ، وقيل : مكية ومدنية ، لأنها نزلت مرتين ، مرة بمكة يوم فرضت الصلاة ، ومرة بالمدينة حين حولت القبلة ، لم يشذ عنها شيء من الحروف الأبجدية ، التي عليها مدار العربية إلا سبعة لا غيرها .