من سمى ذاته فيهما أنهما بمعنى ، والفرق أسوغ ، وإنه لأقرب الأسماء إلى اسم الله ، لقوله تعالى : ((قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَـنَ )) (الإسراء : 110) وكذلك في البسملة يروى أولا بالرحمن غيره في الأشهر ، وقيل جائز والأول أكثر ، فكان فيه لزيادة الثناء ، مبالغة عن الرحيم في العبادة من متسع الرحمة وفسيح الكرامة ، كما روي عن ابن عباس – رحمه الله – أنه قال رحمن الدنيا والآخرة ، ورحيم الآخرة .
وقيل: الرحمن بالبر والفاجر في الدنيا ، والرحيم بالمؤمنين في الآخرة ، وقال قوم الرحمن بجميع الخلق ، والرحيم بالمؤمنين ، وهذا في المتعبدين ممكن من حيث الاقتصار في النظر على المعاني الظاهرة من النعم أن يكون فيضان الرحمة شاملاً للكل نعماؤه ، وهو كذلك لكن في المجاوزة لها إلى ما وراءها من اللباب باعتبار الحقيقة في المرجع ، فالرحمة الإلهية في الدنيا والآخرة خصوصية ، لكونها مناطة بالإيمان كائنة حيث ما كان ، لأن البلايا في حق المؤمن عطايا لمن شكرها ، والنعم في حق من لم يشكرها نقم ، بلى ، وكان فيهما أكبر إشارة إلى إيجاب فرع باب الرحمة ، باستدامة شكر النعمة ، في مقامات الخدمة ، والتعلق به في المهمات كلها ، فإنه رحمن ، والرجوع إليه بالتوبات ، والإقبال إليه بكلمة الهمة في سبيل الطاعات ، فإنه رحيم يقبل التوبة ، ويعفو عن السيئات لا محالة ، وإياكم والإياس ، يعرف هذا بدليل المعنى ، البارز من مفهوم الفحوى .