في بيان الأحكام الشرعية التي دلت عليها معاني هذه السورة الشريفة؛ التي هي فاتحة الكتاب:
البيان الأول: ما دلت عليه البسملة وهي الآية الأولى:
الحكم الأول: بالابتداء فيه دلالة على الأمر به، وفي ذلك دلالة على أنها آية من الفاتحة، وأنها تجب قراءتها معها في الصلاة المكتوبة؛ لأن معرفة الله هي أول ما يجب على المكلف متى-ما لزمه-التعبد بمعرفته، فلا يمكن أن يحمده العبد باسمه إلا بعد معرفته به، وقال صلى الله عليه وسلم: “كل أمر لم يُبدأ فيه باسم الله فهو أجذم”[1] والأجذم: المقطوع، فلا يصح الكمال بقراءة الفاتحة على أنها جذماء وصح أنها منها.
الحكم الثاني: دل ذلك على أنه بتركها فيها تنتقض الصلاة، إذ لا تُؤدى الصلاة بترك المأمور بإتيانه فيها إيجاباً، ودل على إيجابها فيها-أي في الصلاة-بما ذكرناه سابقاً.
الحكم الثالث: دلت بمعنى الاستعانة باء (بسم الله) على وجوب التبري من الحول والقوة إلا بالله في إتمام الصلاة وفي كل أمر كما ذُكِر.
الحكم الرابع: دلت على الابتداء باسم الله على تكبيرة الإحرام في الصلاة، إذ لم يَرِد إيجاب الابتداء باسم الله في عمل إلا في الصلاة.
الحكم الخامس: دل الأمر بالابتداء باسم الله تعالى في الذبح، وأن لا نذكر فيه غيره تعالى.
الحكم السادس: دل بالأمر بالابتداء باسم الله إيجاباً على أنها من الفاتحة، وعلى أن قراءة الفاتحة واجبة في الصلاة المكتوبة، ولا تصح صلاة نفل إلا بها، إذ لا يجب الابتداء بالبسملة في شيء إلا في قراءتها في الصلاة دون غيرها من السور.
—————————-
[1] – جاء هذا الحديث بلفظ ” كُلُّ كَلَامٍ أَوْ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُفْتَحُ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ أَبْتَرُ أَوْ قَالَ أَقْطَعُ” رواه أحمد في مسنده، وعبدالرزاق في مصنفه، والنسائي في السنن الكبرى بألفاظ متقاربة.