(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)

(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)، فالحمد: هو الثناء، والألف واللام للاستغراق، والثناء هو المدح، والمعنى: كل صفاته وأفعاله حمد، أي محمودة، ويدخل في معنى الحمد الشكر، أو المشكور هو المحمود فعله، المحمود في صفاته.

والحمد على ثلاثة أقسام:

الأول: حمد الله نفسه، أي هو محمود في صفاته وأفعاله حقيقة.

والثاني: حمد العبد ربه، أي ثناؤه على الله ومعرفته حقيقة أنه كذلك، وإقراره بذلك.

والوجه الثالث: شكر العبد لربه؛ لأنه إذا كان يعرف ويقر أن الله محمود في كل صفاته وأفعاله، فمن أفعاله أنه ألزمه أداء الطاعة له بكمال الطاعة، واجتناب معصيته، ويعرف من أفعاله إليه عظم إحسانه إليه، فلا يصح الشكر الذي حقيقته تحقيق الحمد إلا بأداء ذلك لله تعالى، وإلا صار مكذباً لحمده بعصيانه؛ لأن من حمد إنساناً على فعل الخيرية، وذكره مع الناس وأثنى عليه، قيل: فلان كثير الشكر والحمد والثناء على فلان فيما يفعل به من الخير، فإذا أراد منه فعل شيء يقدر عليه، ولا ضرر عليه في فعله فامتنع وقال: لا أفعله له، سُمِّيَ مع كل من عرف شكره عليه أولاً وامتناعه هذا أنه غير شاكر، وأنه قد كفر نعمة فلان، أي سترها أي دفنها، كأنه لم يفعل فيه ما كان يذكره به من الخير، فكذلك في الله تعالى، فكافر الشكر كافر كفر نعمة، وكافر الجحود في الله كافر كفر شرك.

بيــان:

وقوله تعالى ( لله ) ولم يقل ( له ) ضمير على ما تقدم من أسمائه، وذلك لما شاهد من جلال كمال حمده اندهش وصحا فالتزم إعادة الذكر لله تعالى؛ لشدة محبته، أنه أحب تكرار ذكر اسمه تعالى.

والرب هو المالك المصرف.

والعالمين جمع عَالَم وهو جمع لمن يعقل، والمراد بهم عباده من الملائكة والجِنَّة والناس أجمعين، لا جمع من لا يعقل (عوالم)، ولكن يصح أن يكون المراد رب الخلائق أجمعين، فجمعهم مع من يعقل بجمع من يعقل تفضيلاً لهم على جميع ذلك.