قولهم يجب تعليم القرآن لليتيم هل هذا فيما يخص الصلاة أو كل القرآن ؟
الجواب:
الظاهر من الإطلاق أنه تعليم القرآن كله وإذا رجعت إلى معنى الأحكام رأيت أنه لا يلزم تعليمه من القرآن إلا ما يخص الصلاة لأن تعلم الباقي فرض على الكفاية فإذا قام به البعض سقط عن الباقين وإن أمعنت النظر في اللوازم رأيت أن الصبي في نفسه لا يلزمه شيء إلى أن يبلغ غير أن وليه هو المخاطب بذلك كما في الحديث : مروهم بالصلاة لسبع وإذا ظهر لك أن اللزوم متوجه على الولي قرب منك معنى الإطلاق في لزوم تعليم القرآن كله لأنه هو المخاطب في تأديبه وحثه على الخيرات وردعه عن المفاسد ولا خير مثل تعلم القرآن فيدخل في جملة الواجبات التي هي من حقوق اليتيم على وليه .
وأقول قد ثبت أن كثيراً من الصحابة كانوا لا يحفظون القرآن كله بل كان عند بعضهم بعضه وعند الآخر بعضه وفيهم من جمعه كله ولم يثبت تعنيف منهم بعضِهم لبعض ولا ثبت عن رسول الله ” إلزامهم كلهم أن يتعلموه كله مع علمهم بأنه لم يحفظوه كلهم وإنما حفظه بعضهم وإذا ثبت هذا في حق البالغين المكلفين في خاصة أنفسهم فما ظنك في التكليف بخاصة غيرهم ؟
وهل يلزم الرجل أن يعلم الولد شيئا لم يلزمه بنفسه تعلمه ؟ فإن قيل إن اللوازم مختلفة باختلاف الأشخاص وإنه يحتمل أن يلزم الرجل في حق ولده ويتيمه ما لا يلزمه في خاصة نفسه مثاله الرجل يلزمه لزوجته من أموال النفقة ما لا يلزمه لنفسه وكذلك غير الزوجة فقد ظهر إن كان اللزوم الذي أنكرته قلنا أمر النفقات مخالف لأمر العبادات فإن النفقات إنما بنيت على العادات، والعبادات إنما بنيت على خطاب الشارع ومن المعلوم أن الصبي لم يخاطب في خاصة نفسه وإنما خوطب الولي بمصالحه ولا يلزمه أن يصلح الصبي أكثر من إصلاحه لنفسه . والله أعلم .