سؤال: كيف نوفق بين قوله تعالى على لسان يوسف ( عليه السلام ) ( اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) وبين نهي النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن ابن سمرة ( لا تسأل الإمارة …) الحديث ؟ وهل هناك منافاة بين الحذر والتوكل؟
الجواب: أما عن طلب يوسف ( عليه السلام ) الجعل على خزائن الأرض وعن قوله (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) علم نبي الله يوسف( عليه السلام) بالوحي من ربه أن رؤيا الملك لا شك في وقوعها وأنه يكون على العباد ضيق وشدة بالجوع في السبع الشداد وأن ادخار ما يزرعون في السبع المخصبة يحتاج إلى تدبير من ذي قدرة وتصرف وحسن تدبير يعرف بالحفظ التام والعلم الوافر وجوه إخراجه في العباد وكيفية تقسيطه على حسب ما تقتضيه الأحوال وتستدعيه الحاجة كما عرف كيف يدخر في خزائن الأرض وكما علم ذلك عن نفسه صلاحها حثها للقيام بأمر الدين والدنيا فطلب الجعل على خزائن الأرض لأداء الواجب عليه من القيام بمصالح العباد لما يعلمه عن نفسه الاقتدار والحفظ والعلم شفعةً منه على العباد، وهو مع ذاك قوي بعصمة الله جل جلاله على قهر نفسه فلا تتطرق عليه الحظوظ النفسية ولا الشهوة الخفية فلذلك كله قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ، فطلب ووصف نفسه بالحفظ والعلم لذلك الغرض الصحيح لا للترفع والفخر والتعاظم ولا الشره في الإمارة وذلك جائز شرعًا وقد يكون واجبًا كما في قصته عليه السلام لما علمت ، ولا يشكل بما قاله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمره : “لا تسأل الإمارة فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها” لأن ذلك نهي عن طلبها لغرض النفس من مال أو فخر.