مسائل شتى من أحكام التجويد والمخارج والصفات والوقف

معنى الترتيل ووجوب الأخذ بعلم التجويد لصون القراءة

يقول العلامة أبو مسلم البهلاني- رحمه الله-:

  « الترتيل في القراءة فرض، ومعناه الترسل فيها والتبيين بغير بطء..قال الله تعالى: ( ورتل القرآن ترتيلاً ) أي اقرأه على تؤدة وتبيين حروف؛ بحيث يتمكن السامع عدّها..وهو في القراءة: إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة، وهو واجب عيني حيث تتعين القراءة.

   وما أدري ما وجه تنزيله منزلة المستحب في قول ( القواعد ) وحاشية ( الوضع ) مع نص القرآن بالأمر به، وعلى كلا الوجهين فهو مشروع؛ بشرط أن لا يخرج المُرتّل إلى اللحن بتمطيط الحروف، فإن للمد حدّاً محدوداً، وأن لا يباعد بين الحروف مباعدة تُخرج القراءة عن حد الترتيل والتبيين إلى التقطيط والتفكيك.

   وأن يتجنب السرعة المولدة للتعمية وعدم التمكن من إفراد الحروف وتجويدها، وإخراجها من مخارجها المخصوصة لها بصفاتها المُعيّنة في علم التجويد، المفضية إلى عدم التبين والتفكر والوقوع على حقائق المعاني ومقاصد كلام الله من القارئ وسامعه ». نثار الجوهر في علم الشرع الأزهر ج 2 ص 308

ويقول- رحمه الله – :

   « فتعليم القرآن الذي كان تفتقر إليه العرب وغيرها في ذلك العصر، عصر العربية الخالصة ليس لتعليم العرب حروفهم وعربيتهم، ولكن لتعليمهم ما هو مجهول لديهم مما هو خارج عن الأدب اللغوي، مما ذكرناه وكررناه هنا غير مرة.

   نعم لما اختلطت العربية بالعجماء اختلاط اللبن بالماء، احتاجت العربية إلى الصون والحفظ ، لا جرم وضع لها علماء الإسلام القوانين الضابطة من سائر العلوم الأدبية؛ كالصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع وغيرها،ووضعوا علم التجويد لحفظ التنزيل من تلاعب الألسن واللُّغى؛ ليُتلى ويبقى على النحو الذي أنزل عليه، ومن لوازم علم التجويد العلم بمخارج الحروف والعلم بصفاتها، إلى غير ذلك من فنون التجويد، فهذه العلوم لم تحدث إلا لما زاحمتنا الأعجام في عربيتنا، فتغيرت وخرجت عن قانونها الطبيعي .. ». نثار الجوهر ج2، ص 338 .

وجوب العناية بإخراج الحروف من مخارجها وبصفاتها:

«قال القراء: واختيار مخرج الحرف مُحققاً أن تلفظ بهمزة الوصل، وتأتي بالحرف بعده ساكناً أو مشدداً وهو أبين، ملاحظاً فيه صفات ذلك الحرف». نثار الجوهر ص 331

ويقول- رحمه الله- :

     « العربي الحاضر والبادي وابن المدر وابن الشيح والقيصوم قبل ظهور الرسالة المحمدية على صاحبها أكمل الصلوات والتسليم، وقبل نزول القرآن العظيم، كان يتقن الحروف الثمانية والعشرين مخرجاً وصفة جرياً على سليقته وفطرته، اتقاناً لا يحتاج معه إلى الأخذ من معلّم.

     ولما نزل الوحي بالفصحى كانوا يتلونه بعد إسلامهم كما أنزل، وإنما كانوا يتعلمونه، بمعنى أنه كان يأخذه صدرٌ عن صدر، ومتحفّظٌ عن حافظ، فكان قارئهم يؤدي ما عنده من القرآن أداء كما أنزل؛ لأن أصل إنزاله على تلك اللغة التي هي فطرتهم.

      وإذا كانوا يقرؤونه كذلك ورسول الله r بين ظهرانيهم يتلونه بحضرته، وفي خلواتهم وجلواتهم، وفي فراغهم وفي صلواتهم لم ينكر عليهم في الأداء اللساني واللسان العربي حرفاً زائغاً عن مستقره ومخرجه، اطمئناناً منه إلى عربيتهم التي لم تشبها العجمة، وإنما كان يلقنهم الآية أو الآيتين أو الآيات أو السورة، يتلوها عليهم كما أنزلها الله، فيتلقونها عنه كما يسمعونها منه وقع الحافر على الحافر، لا تحوجه عربية القوم إلى تعريف مخارج الحروف وصفاتها، وتبيين الفروق بينها، ثقة منه بأن القوم قد ضبطوا لسانهم طبعاً وفطرة.. ». نثار الجوهر ج2، ص 338 .

يقول العلامة أبو مسلم البهلاني- رحمه الله – :

   « فتعليم القرآن الذي كان تفتقر إليه العرب وغيرها في ذلك العصر، عصر العربية الخالصة ليس لتعليم العرب حروفهم وعربيتهم، ولكن لتعليمهم ما هو مجهول لديهم مما هو خارج عن الأدب اللغوي، مما ذكرناه وكررناه هنا غير مرة.

   نعم لما اختلطت العربية بالعجماء اختلاط اللبن بالماء، احتاجت العربية إلى الصون والحفظ ، لا جرم وضع لها علماء الإسلام القوانين الضابطة من سائر العلوم الأدبية؛ كالصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع وغيرها، ووضعوا علم التجويد لحفظ التنزيل من تلاعب الألسن واللُّغى؛ ليُتلى ويبقى على النحو الذي أنزل عليه، ومن لوازم علم التجويد العلم بمخارج الحروف والعلم بصفاتها، إلى غير ذلك من فنون التجويد، فهذه العلوم لم تحدث إلا لما زاحمتنا الأعجام في عربيتنا، فتغيرت وخرجت عن قانونها الطبيعي .. ». نثار الجوهر ج2، ص 338 .

التفريق بين الظاء والضاد في القراءة واجب:

يقول العلامة أبو مسلم البهلاني: « إذا عرفت هذا فاعلم أن الفرق بين الضاد المعجمة والظاء المشالة في القراءة واجب، وإخراج أحدهما من مخرج الثاني لحن فتجنبه في الصلاة وفي القراءة مطلقاً، لأن القراءة سنة متبعة، وعدم الفرق بين هذين الحرفين كعدم الفرق بين سائر الحروف المشتركة في بعض الصفات، ولا تغترر بما في ( المصباح ) من حكاية الفراء عن المفضل أن من العرب من يبدل الضاد ظاءً، فيقول: عظَّت الحرب بني تميم، وأن من العرب من يعكس فيقلب الظاء ضاداً، فيقول: في الظهر ضهراً، فهذا وإن صح نقله لغةً فلا يصح قراءةً، لأنها سنة متبعة، ولم ينقل متواتراً في جانب القراءة… الخ ». نثار الجوهر ج2، ص 334، 335

ويقول-رحمه الله: « ثم إن عناية أصحابنا- رحمهم الله- بمعرفة الفرق بين الضاد والظاء ليس لأن الحرفين مخصوصان بالإجادة، فالتجويد مطلوب مشروع في قراءة القرآن ليتلى كما أنزل، ولكن اشتدت عنايتهم بالحرفين لتشابههما إلى غاية صار كثير من الناس لا يدرك فيها حقيقة الفرق، حتى تهاونوا في إخراج الضاد، فربما اخرجوها من مخرج الظاء، وربما أخرجها البعض من غير مخرجها ومخرج الظاء، ولوقوع الضاد في الفاتحة، وهي لا تحتمل اللحن؛ لأن من نقص حرفاً منها صدق عليه أنه لم يقرأها بتمامها، فلهذا اعتنوا بها، وقاموا وقعدوا في التأكيد على حسن أدائها بصفتها ومن مخرجها » . نثار الجوهر ج2 ص 342

الوقف والابتداء على بداية الأجزاء والأحزاب والأعشار:

يقول العلامة أبو مسلم البهلاني- رحمه الله: « ومما ينبغي للقارئ- وخصوصاً في الصلاة- إذا ابتدأ من أثناء سورة أن يبتدئ من أول الكلام المرتبط بعضه ببعض، وإن وقف وقف على المرتبط وعند انتهاء الكلام، ولا يتقيد في الابتداء ولا في الوقف بالأجزاء والأحزاب والأعشار، فإن أغلبها وسط الكلام المرتبط بالكلام، فإن مراعاة هذه الآداب مما ينبغي التفطن له، والتحرز عن مجاوزته، فلا تغترر بكثرة المتهالكين في ترك هذه الآداب ». نثار الجوهر ج2 ص 313

أنواع الوقف على كلمات البسملة:

قال رحمه الله: ” فإذا استقل المعنى الذي بعده سمي وقفاً تاماً وإلا سمي كافياً وحسنا غير تام، مثاله: الوقف على الباء أو على بسم قبيح، وعلى بسم الله كاف، وكذا بسم الله الرحمن، أما على الرحيم فتام “.