وسئل : عن قوله تعالى (لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ) ما معنى هذه الآية ؟
الجواب : معناها : لا يُبيح الله الجهر بالسوء من القول إلا جهر من ظلم إن قلنا الاستثناء متصل وهو الأشهر، وهو من استعمال المقيد في المطلق فإن الحب من الله تعالى للشيء اباحة له مع الأمر به، واستعمل هنا في معنى الإباحة مطلقا فإنه تعالى لا يأمر المظلوم بالجهر بالسوء، ولكن إن جهر لم يعاقبه وإن أبقى الحب على ظاهره من إباحته تعالى الشيء والأمر به كان الاستثناء منقطعاً كما أن الاستثناء منقطع إذا لم تقدر المضاف ، أي : لكن من ظلم له الجهر واستشكل هذا من الآية بأن الله كما لا يحب الجهر بالسوء لا يحب الإسرار به جزماً، وأجيب بأنه ذكر الجهر على الغالب من أمر المظلوم ، فليس بقيد أو إنه واقعة حال جهر مظلوم بسوء فعوتب فنزلت الآية.
أو يقدر هنالك عطف ، أي : الجهر بالسوء من القول والاسرار به و لاتكلف في تقديره ؛ لأنه معروف أن الإسرار به لا يجوز ، روي أن قوماً ضافهم رجل ليلاً فلم يُطْعِمُوه فشكاهم صباحاً، فعوتب على الشكوى فنزلت الآية ، وليست خاصة به بل كل مظلوم إلا ما قام الدليل على منعه ؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وليس للمظلوم أن يدعو على الظالم بشيء يتعدى فيه الحق ؛ لأن الدليل قام على منعه ، وله أن يدعو عليه بالنار أو أن يصيبه الله بمثل ما أصابه من الظلم ونحو ذلك ، والله أعلم .