سماحة الشيخ أحمد الخليلي: الحب النبوي في تاريخ أهل عمان حرصهم على اتباع نهجه في إحياء العدل

الخليلي: أعظم المواقف التي رسمت لوحة التعبير عن الحب النبوي في تاريخ أهل عمان حرصهم على اتباع نهجه في إحياء العدل

يتَّسِمون بصلابة مواقفهم وقوة عزيمتهم والقضاء على الجور والظلم

أكد سماحة الشيخ احمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة على ان اعظم المواقف التي رسمت لوحة التعبير عن الحب النبوي في تاريخ اهل عمان حرصهم على اتباع نهجه في احياء العدل والقضاء على الجور والظلم والتضحية بالنفوس من اجل ذلك.

وبيّن أنهم كانوا مع ما كانوا يتصفون به من صلابة في مواقفهم وقوة في عزيمتهم ومضاء في شكيمتهم تتفجر جوانبهم عن عاطفة جياشة تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

جاء ذلك في الحوار الذي اجري مع سماحته على هامش أمسية (أحباب الرسول) التي أقيمت في مجمع السلطان قابوس الرياضي ببوشر بتنظيم من طريق الأبرار للمؤتمرات (شباب يحبون لكم الخير).

وأوضح سماحته ان حب النبي ليس مجرد عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور وانما هو حب عقيدة.

وشدد على ان المرأة في كل عصر من العصور يجب ان تحيي الدور الذي قامت به المرأة المسلمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأوضح ان المرأة هي المحضن الأول للأولاد والتربية الاولى تكون على ايدي الأمهات فلذلك يجب ان يكون دور المرأة دورا ايجابيا في تنشئة اولادها على حب النبي صلى الله عليه وسلم والتعلق بسيرته صلى الله عليه وسلم والتعلق بكتاب الله والتعلق بهديه صلوات الله وسلامه عليه في كل جزئية من الجزئيات ..

 وإلى ما جاء في الحوار الذي أداره الدكتور سيف بن سالم الهادي.

كيف يعبر المؤمن عن حبه للنبي صلى الله عليه وسلم وما هو القدر الذي يتحقق الإيمان به؟

إن حب النبي صلى الله عليه وسلم عقيدة راسخة في نفس المسلم فهو ليس مجرد عاطفة لا تكاد تثور حتى تغور ولا تكاد تظهر حتى تختفي ولا تكاد تحمى حتى تبرد وانما حب النبي صلى الله عليه وسلم حب عقيدة حب رجل فاق جميع خلق الله تعالى أجمعين فضله الله سبحانه وتعالى على كل احد لما اولاه من كنائن خرست دونه الألسن وانقطعت دونه بلاغة البلغاء جميعا عندما قال (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) ووصفه بالخلق العظيم في قوله (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وقد بين الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز ان اتباع النبي صلى الله عليه وسلم انمنا هو تجسيد لحب الله تعالى بل هو سبب ايضا للوصول الى حب الله تعالى ومغفرته عندما قال (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فقد أوقع اتباعه صلى الله عليه وسلم وسطا بين طرفي المحبة بين محبة العباد لله سبحانه وتعالى التي يجسدها اتباع الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ومحبة الله تعالى للعباد التي يترتب عليها غفران خطاياهم.

فإذن اجتباء النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يجسد الحب الصحيح، ويبين النبي صلى الله عليه وسلم بأن حبه عليه الصلاة والسلام ايمان فهو عليه الصلاة والسلام يقول (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وان يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في النار).

ويقول صلوات الله وسلامه عليه (لا يؤمن أحدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين) وفي رواية أخرى (والذي نفسي بيده لا يؤمن احدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده) والنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف يبين ان حب النبي صلى الله عليه وسلم يجب ان يكون فائقا في نفس المؤمن على حب أصله وحب فرعه، على حب أصله الذي هو والده وحب فرعه الذي هو ولده والأولاد هم ثمرات الافئدة وأفلاذ الأكباد لا ريب ان حبهم عميق في النفس ولكن حب النبي صلى الله عليه وسلم يجب ان يكون فائقا على ذلك كله.

ومن المعلوم في طبيعة البشر ان الحب من انسان لغيره يكون بأحد أثرين أو بتأثير احد امرين فحب الانسان لغيره اما ليكون لتفوق ذلك الغير عليه وبلوغه مرتبة عالية سامقة بحيث ينظر اليه من أدنى الى اعلى فالإنسان من شأنه أن يحب المجيد في كل المهارات وفي كل الصفات وفي كل الاخلاق والسجايا، المجيد محبوب الى النفوس، والأمر الثاني ان تمتد اليه يد بيضاء من قبل ذلك المحبوب وشأن المحب ان يفنى في هوى محبوبه بحيث تذوب شخصيته في شخصيته شأن المحب ان يحب الاقتداء بمحبوبه حتى يصوره كأنه نسخة منه ويحب ايضا ان يفعل ما يحبه محبوبه وان يتأسى به في اخلاقه وفي افعاله,

واذا كان هذا هو السبب لهذا الحب العارم الذي يمتلك لباب الانسان ويسيطر على عقله وفكره ووجدانه وتصوراته جميعا فإنه ولا ريب يدب أن يكون حب النبي صلى الله عليه وسلم يفوق كل تصور فإن النبي صلى الله عليه وسلم من حيث المزايا يفوق المزايا يفوق الخلق اجمعين حسبنا ثناء الله تعالى عليه وقد اثنى عليه القريب والبعيد والحبيب والعدو، فقريش كانت تسميه الامين وكانت لا تودع اماناتها الا عنده لما عرفته عنه من صدق وأمانة كما قال ابو سفيان في حديثه مع هرقل عندما كان يسأله عن صفاته وسأله (هل جربتم عليه كذبا؟ فقال له: لا، فقال له هل يخون؟ قل له: لا) الكل يعترف بان النبي صلى الله عليه وسلم كان على قدر عال فبهذا الاعتبار يجب على المؤمن ان يحب النبي صلى الله عليه وسلم محبة تفوق كل شيء.

كذلك بالاعتبار الاخر وهو ان الحب انما ينشأ عن يد بيضاء يسديها المحبوب الى المحب فإن النبي صلى الله عليه وسلم اسدى يدا بيضاء الى الناس لم يسدها أحدا من خلق الله فلذلك حبه يجب ان يكون بعد حب الله تعالى، حب الله يفوق حب كل شيء لان الله سبحانه وتعالى هو رب الارباب (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) والذي يتجلى جلاله وجماله في كل ذرة من ذرات الوجود فضلا عن هذا الكون الواسع الأرجاء المترامي الأطراف بكل ما فيه، ومن ناحية أخرى هو الذي خلق الانسان واسبل عليه كرمه وبسط اليه نعمه فجدير بالإنسان ان يحب الله حبا يفوق كل عال، ولكن حب النبي صلى الله عليه وسلم يأتي بعد حب الله مباشرة لان النبي صلى الله عليه وسلم أسدى يدا بيضاء على هذه الأمة أنقذها من الضلالة وبصرها من العمى وارشدها الى الخير واخرجها من الظلمات الى النور وكان حريضا عليها كما يصفه الله سبحانه وتعالى (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على انقاذ الناس وعلى اخراج الناس من الضلالة ولذلك كان يحمل من الهموم ما لا يتصور وقد عاتبه الله سبحانه وتعالى عتابا لطيفا عندما قال له (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا) وقال (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) فّإن حب النبي صلى الله عليه وسلم نظرا الى مقامه وقدره ومزاياه التي يفوق بها الخلق أجمعين ونظرا ايضا الى ما بسطه من يد بيضاء على الناس يجب ان يفوق حب كل احد.

هذا الحب – كما قلت – انما يتمثل في اتباعه صلى الله عليه وسلم والتأسي به واحياء سنته، هذه السنة التي يجحدها الجاحدون ويماري فيها المبطلون ويحاول ان يصد الناس عنها الملحدون هذه السنة يجب ان تحيا في حياة هذه الامة بحيث تتجسد في كل جزئية من جزئيات حياة هذه الأمة فضلا عن كلياتها.

دور المرأة في تعميق حب النبي الكريم

في هذا العصر، كيف تعبر المرأة عن حبها للنبي صلى الله عليه وسلم وما هي المظاهر التي يجب أن تتبعها؟

المرأة في كل عصر من العصور يجب ان تحيي الدور الذي قامت به المرأة المسلمة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، الرسول صلى الله عليه وسلم آمنت به النساء كما آمن به الرجال وكانت المرأة مبادرة الى الايمان به صلى الله عليه وسلم فالسيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وأرضاها أم المؤمنين، كانت مبادرة الى الايمان به صلى الله عليه وسلم وكانت ردءا له صلوات الله وسلامه عليه وشاركت النساء في الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه خروجا عما كن فيه من البيئة المحيطة بهن، كم من امرأة خرجت عن بيئتها وعن نظام والدها وعن نظام زوجها وآمنت بالنبي صلى الله عليه وسلم كالسيدة أم حبيبه رضي الله تعالى عنها التي آمنت مع ان أباها كان على الكفر ثم بعد ذلك بعد الهجرة الى الحبشة ارتد زوجها وهي تمسكت بالإسلام وتمسكت بالإيمان فهكذا يجب ان يكون دور المرأة المسلمة في كل عصر من العصور.

 والمرأة لها اثر كبير في احياء الناشئة وتوجيهها الوجهة الصحيحة، المرأة هي المحضن الأول للأولاد التربية الاولى انما تكون على ايدي الأمهات فلذلك يجب ان يكون دور المرأة دورا ايجابيا في تنشئة اولادها على النبي صلى الله عليه وسلم والتعلق بسيرته صلى الله عليه وسلم والتعلق بكتاب الله والتعلق بهديه صلوات الله وسلامه عليه في كل جزئية من الجزئيات والتضحية من اجل اعادة هذا المجد التليد الذي كان لهذه الأمة بسبب اتباعها النبي صلى الله عليه وسلم فالمرأة كما قلت لها اثر ايجابي ان كانت امرأة مهيأة بأن تقوم بالخير كما حصل في عهد بني امية أم عمر بن عبدالعزيز حولته من وضع الى وضع آخر مناقض له حتى لم يبق فيه اي أثر للأعراق الأموية وانما غذته بسيرة الفاروق رضي الله تعالى عنه فخرج فاروقا جديدا احيا الله تعالى به الدين بعد ما مات على ايدي أولئك الطغاة السابقين فإذن المرأة في كل عصر عليها أن تقوم بهذا الدور الايجابي في احياء سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه ودعوته من خلال تربيتها للذرية.

ثم مع هذا ايضا للمرأة ايضا لها أثر على بنات جنسها هي قادرة على الدعوة في بنات جنسها وتحويلهن من الشر الى الخير ومن الفساد الى الصلاح ومن الفجور الى البر ومن الشك الى اليقين وهي ايضا قادرة على التأثير حتى على الرجل لا سيما في هذا العصر بإمكان المرأة بأن تسهم في احياء السنة النبوية وفي احياء الدعوة التي دعا اليها صلى الله عليه وسلم بوسائل متعددة ما كانت متوفرة من قبل من خلال الكتابة في الصحف ومن خلال الكتابة في الشبكة العنكبوتية ومن خلال بث المعارف بوسائل متعددة، المرأة هي قادرة على ان تقوم بهذا الدور فإذن تطالب المرأة بأن تعبر عن حبها للنبي صلى الله عليه وسلم لهذه التضحيات التي يرجى منها ان تقوم بها.

استجلاء للحقيقة

لنستجلي الحقيقة ..  في غزوة احد وقع للمسلمين نوع من الاحباط بعد ان اصغوا الى اشاعة مقتل النبي صلى الله عليه وسلم وقد عم هذا الاحباط جمعا كبيرا من المسلمين لكن القرآن الكريم قلل من موضوع هذا الاحباط وابعد المسلمين عن التأثر القلبي الذي يقودهم الى مثل هذا الاستسلام، ماذا يعني ان يخاطب المسلمون بالدعوة وهي بعد لم تكمل عامها الثالث وماذا يعني ان يلفت انتباه المسلمين الى ان يكون هناك شيء آخر لا بد ان يواصلوه؟

من شأن الله سبحانه وتعالى ان يختبر عباده في كل عصر (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ، وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) هذا هو شأن الله، والأنبياء هم أنفسهم اختبروا والصالحون في كل عصر من العصور اختبروا وكذلك بالنسبة الى المؤمنين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان هناك اختبار، هذا الاختبار فقد مرت بهم أولا محن في العهد المكي وقد نجحوا بحمد الله تعالى في اجتياز تلك المرحلة واجتياز ذلك الامتحان المعقد وصولا الى النجاح ثم جاء العهد المدني وكان التآمر من قبل المشركين عليهم ومحاولة اجتياح هذه الفئة المؤمنة والقضاء عليها ومحاولة اسكات صوت هذه الدعوة حتى لا يسكت هذا الصخب الذي كان من قبل الجاهلية ولكن الله تعالى غالب على امره (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) هذه سنة الله سبحانه وتعالى في خلقه فهو سبحانه اراد لهذه الامة ان تتهيأ لحمل هذه الأمانة، فأمد النبي صلى الله عليه وسلم أمد محدود بقي بعد مبعثه بمكة المكرمة ثلاثة عشر عاما، ثلاث سنوات ما كان جاهرا فيها بالدعوة وجهر بالدعوة مدة عشر سنوات ثم كان بالعهد المدني ايضا عشر سنوات ثم قبضه الله تعالى اليه ولكن تربى على يدي النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد الكبير من اصحابه رضي الله عنهم والذين اثنى الله عليهم في كتابه حيث قال (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).

الله سبحانه وتعالى هيأ للنبي صلى الله عليه وسلم هذه القلوب المؤمنة التي آمنت به وهيأ له هؤلاء الابطال الذين ضحوا بكل غال وثمين من اجل ان تتقدم هذه الدعوة الى الامام فالله تبارك وتعالى اراد ان يخلد هذه الدعوة من خلال هذا الخلف الصالح من خلال اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والذين ساروا على نهجهم من بعدهم لتظل دعوة الحق يتجلجل صوتها في جنبات الوجود ويوقظ كل ضمير حي ويبدد الظلمات من هذه الحياة بأسرها.

تحقق النصر بالحب النبوي

مبدأ النصر والهزيمة في القرآن الكريم لا تترك فرصة للعاطفة القلبية من جراء وجود النبي صلى الله عليه وسلم فيما بينهم تارة ينتصرون وتارة يهزمون ما الذي يريد ان يقرره القرآن الكريم في هذا الشأن وأين يتحقق النصر بالحب النبوي؟

مر المؤمنون بمراحل ذاقوا فيها مرارة الاحباط كما ذاقوا فيها لذة النجاح وكانت القلوب المؤمنة بحمد الله تعالى كلما رزئوا برزية كانت هذه القلوب تهش بمستقبل واعد والنبي صلى الله عليه وسلم ربى هذه الفئة المؤمنة على النظر في المستقبل على الثقة بوعد من الله سبحانه وتعالى بأنه سيظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون وان الله تعالى سينصر هذه الفئة المؤمنة القليلة على الكثرة الكاثرة من اعدائها وعد الله سبحانه وتعالى بذلك وقد انجز لهم وعده فإذن عندما يلتف المؤمنون حول النبي صلى الله عليه وسلم ويسمعون منه هذه العبارات التي تشي بما فيه قلبه من الفأل الحسن وبالمستقبل الواعد مستقبل انتصار الحق على الباطل لا ريب ان قلوب هؤلاء المؤمنين تتربى على هذا التفاؤل ثم من خلال حبها للنبي صلى الله عليه وسلم تضحي بأن يفدونه بأنفسهم ويفدونه بأولادهم يؤثرون النبي صلى الله عليه وسلم على انفسهم وعلى اولادهم وعلى اهليهم ويضحون بكل غال وثمين في سبيل ذلك كما ذكر الله سبحانه وتعالى وصف المهاجرين والانصار عندما قال بداية في وصف المهاجرين (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) واتبع ذلك وصف الانصار (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) هؤلاء انما حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم تجسد في هذه التضحيات العظيمة التي ضحوا بها من اجل النهوض بهذا الدين وقد استمر ذلك فلذلك ما كانوا يشعرون بمرارة الهزيمة او مرارة الاحباط حتى يشعروا بلذة النصر المرتقب الموعود به من عند الله سبحانه وتعالى، وما كان هذا الاحباط يؤثر عليهم يندفعون الى الامام باستمرار.

في وصف أهل عمان

حظي اهل عمان بوصف نبوي عظيم يكشف عن اخلاقهم وحبهم واحترامهم لداعي الله هل ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في أهل عمان كان خبرا توقيفيا أم هو شيء انتقل اليه عن طريق مازن بن غضوبة رضي الله عنه وهل يعني هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بين ان الدولة العربية الوحيدة التي كانت تعيش في ذلك الزمان هي عمان؟

النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وقد جاء في حديث ابي برزة الاسلمي رضي الله عنه عند مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم ارسل رسولا الى قوم فسبوه وضربوه، وقال له لما رجع اليه (لو اهل عمان اتيت ما سبوك ولا ضربوك) فإذن النبي صلى الله عليه  وسلم عندما نطق بهذا انما نطق بوحي اوحاه الله تعالى اليه، لا يبعد ان يكون استنتج ذلك من خلال ما سمعه من مازن بن غضوبة ومن التباشير التي جاءت اليه بإيمان اهل عمان لا يبعد ذلك ولكن مع ذلك كان هو مسددا بوحي الله سبحانه وتعالى وكان يفوق البشر جميعا من خلال ما اودعه الله تعالى في فطرته من عقل راجح وفكرة نيرة ولكن مع ذلك كله ايضا كان يوحى اليه من قبل الله تعالى.

لوحة التعبير

ما هي ابرز المعالم التي رسمت لوحة التعبير عن الحب النبوي في تاريخ اهل عمان وكيف عبروا عنه في مواقفهم وفي اتباعه؟

اعظم المواقف حرصهم على اتباع نهجه في احياء العدل والقضاء على الجور والظلم والتضحية بالنفوس من اجل ذلك وكانوا مع ما كانوا يتصفون به من صلابة في مواقفهم وقوة في عزيمتهم ومضاء في شكيمتهم كانوا مع هذا كله ايضا تتفجر جوانبهم عن عاطفة جياشة تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان ذلك من أبي حمزة الشاري رحمه الله تعالى عندما جاء الى منبر النبي صلى الله عليه وسلم فوضع وجهه حيث ما كان يضع النبي صلى الله عليه وسلم قدميه وبكى حتى خضب لحيته بالدموع وقال كلمته المشهورة (كم من قدم عاصية لله منتهكة لحرماته حاكمة بغير ما أنزل وطئت موطئ قدم النبي صلى الله عليه وسلم) بأبي هو وأمي، فهذا يعبر عن هذه العاطفة الجياشة في نفسه تجاه الرسول عليه افضل الصلاة والسلام.

——————————-

جريدة عمان: الجمعة 24 صفر 1435هـ. 27 ديسمبر 2013م

كتب: سيف بن سالم الفضيلي