1- مقدمة في التعريف بالإيمان وأركانه
هذا كتاب فيه تفسير خمسمائة آية من كتاب الله تبارك وتعالى في الحلال والحرام , وهو كتاب ” الدراية وكنز الغناية ومنتهى الغاية وبلوغ الكفاية في تفسير خمسمائة آية “ .
وفيها رد الفقيه العالم العلامة أبي الحواري رحمه الله ورضي عنه .
——————————-
بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابن عباس أنه قال : ” خمسمائة آية في كتاب الله في الحلال والحرام لا يسع المسلمين إلا أن يعلموا تفسيرهن ويعملوا بهن” يقال : تفسير الإيمان، من آمن بما في القرآن , فقد آمن بجميع ما أمر الله , فذكر الإيمان بالقرآن في السورة التي يذكر فيها البقرة .
قوله : { ألـم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ }(البقرة:1 ،2) يقول : لا شك فيه , أنه من الله جاء , ثم قال : القرآن { هُدىً } يعني : بياناً من الضلالة , { لِلْمُتَّقِينَ } أنه من الله الذين يتقون الكفر, ثم قال: { الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ }(البقرة: الآية3) يعني : بغيب القرآن , أنه من الله نزل على محمد صلى الله عليه وسلم . فيحلون حرامه , ويحرمون حرامه , ويعملون بما فيه .
وفي أصل الإيمان الذي في القرآن قوله { وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } (البقرة:الآية177) يعني: من صدّق بتوحيد الله { وَالْيَوْمِ الآخِرِ } يعني : وصدّق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال , أنه كائن { وَالْمَلائِكَةِ } يعني : وصدق بالملائكة أنهم حق . { وَالْكِتَابِ } حق , يعني : وصدق بكل كتاب أنزله الله , أنه حق . { وَالنَّبِيِّينَ } يعني : وصدّق بالنبيين كلهم أنهم حق . فهذا من أصل الإيمان .
وسألته : فما الإسلام ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله , وأن محمداً عبده ورسوله , والإقرار بما جاء به الله بالطاعة , قلت : فما الإحسان؟ قال : أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك { لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } (الأنعام:103) , وقال: { ِإلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }(فاطر:الآية10) .
وذكر ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” الصلاة عماد الدين , فمن ترك الصلاة فقد هدم الدين “, فذلك قوله في السورة التي يذكر فيها البقرة { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ }(البقرة:238) المكتوبة في مواقيتها بوضوء تام , ثم قال: { وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } يعني: مطيعين.
وقوله { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ }(البقرة: 45) يعني: استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض , والصلوات الخمس حافظوا عليها في مواقيتها , نظير فيها { إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }(البقرة:الآية153).
وذكر عن ابن عباس : أن أول صلاة فرضت من الصلوات الخمس , صلاة الأولى , فلذلك سميت الأولى لأنها أول صلاة فرضت .
قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة حين زالت الشمس فصلى بالنبي صلاة الأولى , والمسلمون خلف النبي يقتدون به والنبي يقتدي بجبريل . ثم جاء وقت العصر فصلى به العصر, ثم جاء حين غابت الشمس فصلى به المغرب ثلاث ركعات , ثم جاء جبريل حين ذهب بياض النهار وجاء ظلام الليل فصلى به العتمة, وهي العشاء .
ثم جاء حين انفجر الصبح , فصلى به الصبح ركعتين , وهي صلاة الفجر .