31- تفسير آيات زنا المملوكين والمكرهة عليه وشيء ومن أحكام التقيَّة
تفسير المملوكين في الزنا والمكرهة:
قوله في سورة النساء(الآية25) قال: { فَإِذَا أُحْصِنَّ) } يعني: الولائد المسلمات { فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ } يعني: فإن جئن بالزنا { فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ } يعني: فعلى الولائد نصف ما على الحرة, وهو خمسون جلدة.
وكذلك يجلد العبد إذا زنا وتحته حرة، وليس عليهما الرجم إذا كانا متزوجين أو غير ذلك, يجلدهما السيد.
قال: لا يحل لمسلم أن يكره وليدته على الزنا من أجل كسبها, فإن فعل ذلك فإثم ذلك على السيد أيضاً إذا كان ذلك عمله ويكره وليدته على الزنا، فذلك قوله في سورة النور(الآية33): { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ } يعني: على الزنا من أجل كسبهن { إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } والله يقول: { لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } يعني: كسبهن وأولادهن من الزنا { وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ } يعني: من يكره وليدته على البغاء يعني: على الزنا فقد هلك لأن الله يقول(ص:الآية24): { وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ } ثم استثنى فقال { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ }وهذا من حكم داود عليه السلام، فأخبر الله تبارك وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم عن قول داود عليه السلام.
وعن قوله في سورة الفرقان(الآيتان:68-69) { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً }.
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا يزني الزاني وهو مؤمن…”.
فمن تاب توبة نصوحاً تاب الله عليه.
قوله { فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ }، وفي قراءة ابن مسعود: إن الله من التوبة غفور رحيم.
قال: ورجل يأخذه العدو فيكرهه على ذنب, أو يمين أو يأخذه السلطان فيقهره على يمين أو ذنب فيما بينه وبين الله ليس فيه ظلم على أحد من الناس فإن له فيه رخصة، أما التقية بالكلام وليس التقية بالعمل غير الشرك.
قال: نزلت هذه في سورة النحل(الآية106) { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ }.
قال: نزلت هذه الآية في أناس من المسلمين, كان كفار مكة يعذبونهم حتى رجعوا عن الإسلام وقلوبهم مطمئنة بالإيمان, فكانت الرخصة لهم فيما نزلت فيهم.
فمن أخذه المشركون اليوم, أو السلطان فيخيرونه بين القتل والشرك أو ذنب من معصية الله فاختار القتل ولم يختر الشرك والمعصية ومات على طاعة الله, وهو في الجنة مع النبيين والشهداء فمات شهيداً فإن لم يصبر في العذاب وركن إليهم في المعصية, فمات غير تائب فهو في النار, لأن الله قد نهاه, لأنه قال: { وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ } (هود:113) وليست التقية بالعمل.
قال: قال عمار بن ياسر: بئس القوم قوماً الذين يعيش المؤمن فيهم بالتقية والكتمان.
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” العلم علمان, والخشوع خشوعان, والسنة سنتان, والكفر كفران”.
فالعلم علمان: علم على اللسان ليس له تحقيق بالفعال, فذلك العلم الضار.
وعلم على اللسان له تحقيق بالفعال, فذلك العلم النافع يزاحم [ صاحبه ] الأنبياء يوم القيامة.
وأما الخشوع خشوعان:
خشوع يخشع له الجسد ولا يخشع له القلب, وذلك خشوع النفاق، وخشوع يخشع له القلب فذلك خشوع الإيمان.
والنفاق نفاقان:
نفاق بالعمل ونفاق بالتكذيب, وقد اختلفت منازلهم وليست سواء.{ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ }(المنافقون:1-3) .
وكان كفرهم حين ركنوا إلى المعصية ثم أصروا عليها, وليستا سواءً.
وأما الذكر ذكران:
ذكر باللسان, بالتسبيح والتهليل, وقراءة القرآن فحسن، وأفضل الذكر ذكر الله عندما حرم الله عليك, فتصبر نفسك عنه، وتذكر مقامك بين يدي ربك فذلك أفضل الذكر.
وأما الحق: فحق في الدين, وحق على الإخوان في الله.
وأما الكفر كفران:
فكفر بالله وبالتنزيل, وكفر بالنعم وبالتأويل، قال تعالى :{ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِه } يعني: بالتأويل { فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }(البقرة:121).
وأما السنة سنتان :
فسنة فريضة, والأخذ بها هدي وتركها ضلالة، وسنة ليست بفريضة, والأخذ بها فضيلة , وتركها إلى غيرها خطيئة.
قال: لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية التي في البقرة: { رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } إلى آخر الآية(البقرة:286) قال جبريل عليه السلام: “قد فعل الله فرفع النسيان والخطأ, وما لم تعلموا به فالله يحب التوابين ويحب المتطهرين، فمن تاب من كل ذنب وندم تاب الله عليه”.
قال أبو الحواري: ليس على العبيد ولا على الإماء حدود في الزنا حتى يحصنوا بالأحرار, فإذا زنوا بعد إحصانهم فعليهم نصف الجلد, خمسون جلدة.