32- تفسير آيات قذف المحصنات وحد القاذف وأحكام ذلك
تفسير من قذف المحصنات, وحد القاذف:
قوله في سورة النور(الآية4-5): { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } يعني: الذين يقذفون الحرائر من نساء المسلمين بالزنا { ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ } يعني: مسلمين أحرار أنهم عاينوا العورتين تختلفان { فَاجْلِدُوهُمْ }.
يقول: الحاكم إذا رفع إليه { فاجلدوهما } يعني : القاذفين { ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً } يعني: بعد الجلد ما دام حياً{ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } يقول: فأولئك هم العاصون فيما قالوا من الكذب فصاروا بعد الإيمان فاسقين, ما داموا على الفرية والكذب, ثم استثنى فقال: { إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } يعني: من بد القذف { وَأَصْلَحُوا } يعني: وأصلحوا العمل { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } لقذفهم رحيم بهم بعد التوبة.
قال: من قذف وجلد أو لم يجلد ثم تاب قبلت شهادته.
قال: ويجلد الرجل والمرأة من الأحرار في القذف ثمانين جلدة فوق ثيابهما, لا ينزع عنهما غير الرداء, ضرباً بين الضربتين على كل عضو غير الرأس والمذاكير, وكذلك يجلد في الخمر.
قال: فمن يجلد في القذف ثم تاب تقبل شهادته.
فأما الذي يجلد في الزنا, وشرب الخمر, فإن آنس منه رشداً بعد ذلك تقبل شهادته كما تقبل شهادة الذي يجلد في القذف, كما قال الله :{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ } يعني : من بعد القذف { وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } يعني: لقذفهم رحيم بهم بعد التوبة.
عن ابن عباس أنه قال: لا تجوز شهادة الغلام الحر ما لم يحتلم, وتجوز عليه الأحكام.
قال أبو الحواري: ليس على الصبيان حدود, يعني: حتى يبلغوا الحلم.
عن عمر بن الخطاب رحمه الله أنه قال: لا تجوز شهادة العبد لمحتلم الفقيه المسلم.
وقال: لا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين, وتجوز للمسلمين عليهم.
قال: يجلد المملوك في القذف أربعين, وليس على من قذف المملوك وأم الولد حد في الدنيا, ولكن عليه في الآخرة, إن كان كاذباً, أو مات غير تائب فقد هلك, وهو من أهل النار مع الفاسقين.
قال أبو الحواري: ليس على المماليك حد في القذف, وليس على من قذف أهل الذمة حد, ولكن عليه في الآخرة إن كان كاذباً فمات غير تائب, فصار من الفاسقين .. وقد برئ الله ما دام على العزيمة من اسم الإيمان.
قال: { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ }(السجدة:18) فصار منافقاً.
قال: إن الله قال: { إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } (التوبة:67) فصار من أولياء إبليس، قال الله: { إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ }(الكهف:50).