33- تفسير آيات حادثة الإفك وقذف السيدة عائشة رضي الله عنها وما أدب الله به المؤمنين

33- تفسير آيات حادثة الإفك وقذف السيدة عائشة رضي الله عنها وما أدب الله به المؤمنين

تفسير ما على من قذف أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وما أدب الله المؤمنين ووعظهم:

قوله في سورة النور(الآيات:11-24) { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم انطلق غازياً, وانطلق معه بعائشة بنت أبي بكر الصديق رحمه الله, ومع النبي يومئذ رفيق له يسمى صفوان بن المعطل من بني سليم, فكان إذا سار النبي صلى الله عليه وسلم فيمكث صفوان في مكانه حتى يصبح.

فإن سقط من المسلمين شيء من متاعهم حمله إلى العسكر, فعرفه فإذا جاء صاحبه دفعه إليه.

وإن عائشة, لما نودي بالرحيل ذات ليلة ركبت الرحال, فدخلت هودجها ثم تذكرت حلياً لها كانت نسيته في المنزل, فنزلت لتأخذه ولا يشعر بها صاحب البعير, فانبعث البعير فسار مع العسكر, فلما وجدت عائشة حليها, وأرادت الرجوع, فإذا البعير قد ذهبت, فأخذت تمشي على أثر العسكر بالليل وهي تبكي.

فأصبح صفوان بن المعطل في المنزل, ثم سار في أثر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه, فإذا هو بعائشة قد غطت وجهها وهي تبكي.

فقال صفوان: من هذه؟!

فقالت: أنا عائشة, فاسترجع صفوان, ونزل عن بعيره, فقال: يا أم المؤمنين مالكِ؟ فحدثته بأمر الحلي, فحملها على بعيره.

ونزل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه [ وقد فقدوا ] عائشة, فلم يجدوها, فلبث النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله, إذ جاء صفوان وقد حملها على بعيره, فقذفها عبدالله بن أبي سلول, رأس المنافقين وحسان بن ثابت, ومِسطح بن أثاثة, وحمنة ابنة جحش الأسدية, فقال عبدالله بن أبي سلول المنافق: ما برئت عائشة من صفوان, وما برئ صفوان منها.

وخاض الناس في ذلك, فقال بعضهم: قد كان كذا وكذا. وقال بعضهم سمعت كذا وكذا، فبعضهم عرَّض بالقول وبعضهم أعجبه ذلك.

فنزلت ثمان عشرة آية متوالية تُكذِّب من قذف عائشة [ وتبرئها وتؤدب] فيها المؤمنين، فنزلت { إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ } يعني: عبدالله بن أبي سلول, وحسان بن ثابت, ومسطح بن أثاثة, وحمنة ابن جحش الأسدية.

{ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ } لعائشة وصفوان { لاَ تَحْسَبُوهُ } الذي قيل فيكم من القذف { شراً لكم } لأنكم تؤجرون على ذلك { بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ }.

ثم قال: { لِكُلِّ امْرِئٍ } ما نوى { مِنْهُمْ } يعني: فيمن خاض في أمر عائشة { مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْأِثْمِ } يعني: عليه من الإثم على قدر ما خاض فيه من أمرها.

ثم قال: { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ } يعني: عِظَمه { مِنْهُمْ } يعني: من العصبة وهو عبدالله بن أبي سلول رأس المنافقين, هو الذي قال: “ما برئت عائشة من صفوان وما برئ منها” { لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ } يعني: في هذه الآية عبرة لجميع المسلمين إذا كانت بينهم خطيئة, من أعان عليها بفعل أو كلام, أو عرَّض بها, أو أعجبه ذلك, أو رضى به فهم شركاء في تلك الخطيئة على قدر ما كان منهم { وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ } يعني: تولى تلك الخطيئة بنفسه وأعظم إثماً عبدالله بن أبي سلول، وهو المأخوذ بها.

قال: إذا كانت الخطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب, ومن غاب ورضى فهو مثل الشاهد.

ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة فقال { لَوْلا } يعني: هلا { إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } يعني: يقذف عائشة بصفوان, هلا كذبتم به { ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً } حمنة ابنة جحش, يقول: ألا يظن بعضهم ببعض خيراً بأنهم لا يزنون والمؤمنون لا يزنون { وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ } يقول: هلا قالوا: هذا القذف كذب بيِّن .

{ لَوْلا } يعني: هلا { جَاءُوا عَلَيْهِ } يعني: على القذف { بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ } في قولهم . يعني: الذين قذفوا عائشة وصفوان.

قال أبو الحواري: الذي سمعنا أنه صفوان بن المعطل وحمنة ابنة جحش .

ثم قال: { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ } يعني: لأصابكم { فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ } يعني: فيما قلتم فيه من القذف { عَذَابٌ عَظِيمٌ } يعني: العقوبة في الدنيا والآخرة { إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ } إذ تروونه بعضكم عن بعض, سمعت من فلان, وسمعت من فلان { وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ } يعني: بألسنتكم في قذفها { مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ } يقول: من غير أن تعلموا أن الذي قلتم من القذف حق { وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً } يقول: وتحسبون القذف ذنباً هيناً { وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ } وقول عظيم في الزور.

ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة فقال: { وَلَوْلا } يعني: هلا { إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } يعني: القذف, ولم تراه أعينكم { قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } يعني: هلا قلتم { سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } يعني: هلا قلتم وهذا بهتان عظيم, مثل ما قال سعد بن معاذ الأنصاري لما سمع قول من خاض في أمر عائشة, قال: سبحانك هذا بهتان عظيم.

والبهتان: هو الذي يبهت فيقول ما لم يكن، والكذب بهتان عظيم, والشرك ظلم عظيم, وهذا ذنب عظيم بالكذب .

ثم وعظ الذين خاضوا في أمر عائشة فقال: { يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ } يعني: القذف { أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ } يعني: ما ذكره من المواعظ { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ } في قذف عائشة يحبون { أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ } يعني: يحبون أن تفشوا ويظهر الزنا { فِي الَّذِينَ آمَنُوا } يعني: عائشة وصفوان بن المعطل { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } يعني: وجيعاً { فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } فكان عذاب عبدالله بن أبي سلول في الدنيا الجلد, وفي الآخرة عذاب النار { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } يعني: لعاقبكم فيما قلتم لعائشة, ثم قال: { وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ } يعني: يرأف بكم, رحيم حين عفا عنكم ولم يعاقبكم فيما قلتم من القذف.

ثم قال: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } يعني: تزيين الشيطان في قذف عائشة { وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ } يعني: تزيين الشيطان { فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ } يعني: بالمعاصي { وَالْمُنْكَرِ } يعني: ما لا يعرف مثل ما قيل لعائشة { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } يعني: ونعمته { مَا زَكَى } يعني: ما صلح { مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }.

فلما أنزل الله عذر عائشة وأبرأها, والكذب للذين قذفوها حلف أبو بكر أنه لا يصل مسطح بن أثاثة بشيء أبداً لأنه كان فيمن ادعى على عائشة القذف.

كان مسطح بن أثاثة من المهاجرين والأنصار الأولين, وكان ابن خالة أبي بكر الصديق, وكان يتيماً في حجره فقيراً.

فلما حلف أبو بكر لا يصله أنزلت في أبي بكر { وَلا يَأْتَلِ } لا يحلف { أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ } يعني: في الغنى والسعة في الرزق, يعني: أبا بكر رحمه الله { أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى } يعني: مسطح بن أثاثة قرابة أبي بكر الصديق, ابن خالته { وَالْمَسَاكِينَ } لأن مسطحاً كان فقيراً { وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } لأنه كان من المهاجرين { وَلْيَعْفُوا } يعني: وليتركوا { وَلْيَصْفَحُوا } يعني: وليتجاوزا عن مسطح { أَلا تُحِبُّونَ } يعني: أبا بكر { أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } بالمؤمنين, فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: ” أما تحب أن يغفر الله لك؟” قال: بلى يانبي الله. قال: فاعفُ واصفح. فقال: عفوت وصفحت لا أمنعه معروفاً بعد اليوم إن شاء الله .

ثم ذكر الذين قذفوا عائشة فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } يعني: يقذفون بالزنا { الْمُحْصَنَاتِ } يعني: لفروجهن عفائف { الْغَافِلاتِ } يعني: عن الفواحش, يعني: عائشة { الْمُؤْمِنَاتِ } يعني المصدقات { لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } يعني: عذبوا في جلد ثمانين { وَالْآخِرَةِ } يعني: عبدالله بن أبي سلول يعذب بالنار لأنه منافق غير تائب { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.

أنزل الله هذه الآيات { إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }.

كيف حال رجل قد لعنه الله في الدنيا, ويلقى الله وهو ملعون في الآخرة ومات غير تائب؟ وكيف ترجون أن يكون له عند الله نصيب, أو سيكون فيه؟ [ أليس ] من أهل النار, [ ومن ] حقت عليه كلمة العذاب؟

قال: “جلد النبي صلى الله عليه وسلم عبدالله بن أبي سلول, وحسان بن ثابت, ومسطح بن أثاثة, وحمنة ابنة جحش كل واحد منهم ثمانين جلدة في قذف عائشة”.

ثم تابوا من بعد ذلك, غير عبدالله بن أبي سلول رأس المنافقين مات على النفاق, ولم تقبل توبته { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }(المائدة:27) فلم يتب توبة نصوحاً, ومات على نفاقه, وفيه نزلت هذه الآية { وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ } (التوبة:84).

ثم ذكروا أمر من قذف عائشة, ويقذف غيرها, لما أنزل الله القرآن عامة للناس فيه الأمر والنهي, فنهى الله من قذف، ثم قال: { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ } إلى قوله { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } { يَوْمَئِذٍ } يعني: في الآخرة { يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ } يعني حسابهم البين, ولا يشهد اللسان واليد والرجل على مؤمن، إنما يشهدون على من حقت عليه كلمة العذاب, وأما المؤمن فيعطى كتابه بيمينه { فَأُولَئِكَ يَقْرَأُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }(الإسراء:71)، قال: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً }(الانشقاق:7-9).

قال: ويقال: سورة النور أنزلت من بعد سورة النساء وتصديق ذلك أن في سورة النساء(الآية:15) { وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } والسبيل الذي قال الله (النور:1-2) : { سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }.

فهؤلاء الآيات الثلاث البينات في الأمر والنهي موعظة للمتقين, ثم قال(النور:26): { الْخَبِيثَاتُ } يعني: السيئ من الكلام, يعني: قذف عائشة ونحوه { لِلْخَبِيثِينَ } من الرجال والنساء، ومن يقذف عائشة من المؤمنين { وَالْخَبِيثُونَ } من الرجال والنساء { لِلْخَبِيثَاتِ } يعني: السيئ من الكلام؛ لأنه يليق بهم الكلام السيئ.

ثم قال: { وَالطَّيِّبَاتُ } يعني: الحسن من الكلام { لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ } من الرجال والنساء, يعني: الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيراً { الطَّيِّبُونَ } من الرجال والنساء { لِلطَّيِّبَاتِ } } يعني: الحسن من الكلام لأنه يليق بهم الكلام الحسن, ثم قال: { أُولَئِكَ } يعني: الطيبين من الرجال والنساء { مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ } يعني: مما يقول هؤلاء القاذفون, الذين قذفوا عائشة وغيرها من المؤمنين والمؤمنات برآء من الكلام السيء، ثم قال { لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } يعني: لذنوبهم { وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } يعني: حسناً في الجنة.

فلما أنزل الله عذر عائشة قربها النبي صلى الله عليه وسلم إلى نفسه وازداد لها حباً من نسائه، يقول: هي من أزواجه في الجنة.

وذكروا: أنه من قذف نبياً أو امرأة نبي فإن عليه ضعفين من العذاب.

قال: لما نزلت هذه الآية التي في سورة الأحزاب(الآية:30-31) { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ } فجعل أجرهن مرتين, وعذابهن ضعفين, وجعل [ على من ] قذفهن ضعفين من العذاب.

قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أحسبكن يا نساء العالمين مريم ابنة عمران, وآسية امرأة فرعون, وخديجة بنت خويلد, وذكروا فيه فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وسلم”، قال: فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله فما بال عائشة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “فضل عائشة على سائر نساء الجنة بعد هؤلاء الأربع كفضل الخبز في الطعام على سائر الطعام”. وهكذا ذكروا في عائشة والله أعلم.

قال أبو الحواري: سمعنا “كفضل الخبز البر واللحم على سائر الطعام”.