سورة الانفطار

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

{إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ (1)} انشقت؛ { وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ (2)} تساقطت؛ { وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3)} فتح بعضها إلى بعض؛ { وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)} قلب ترابـها، وأخرج موتـاها؛ { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ} من عمل صـدقة، {وَأَخَّرَتْ (5)}.

{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)} أي شيء خدعك وجرك على عصيانه؛ وذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار، فإن محض الكرم لا يقتضي إهمال الظالم، وتسوية الموالي والمعادي، والمطيع والعاصي، فكيف إذا انضم إليه صفة القهر والانتقام، والإشعار بما به يغره الشيطان، فإنه يقول له: افعل ما شئت فربك كريم لا يعذب أحدا، ولا يعاجل بالعقوبة؛ والدلالة على كثرة كرمه تستدعي الجد في طاعته، لا الانهماك في عصيانه، اغترارا بكرمه.

{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7)} صفة ثانية مقررة للربوبية، مبينة للكرم، منبهة على ]أن[ من قدر على ذلك أولا قدر عليه ثانيا؛ والتسوية: جعل الأعضاء سليمة مسواة، معدة لمنافعها؛ والتعديل: جعل البنية معتدلة متناسبة الأعضاء، أو معدلة مما تستعدها من القوى، وقرئ: »فعدَّلَك« أي: عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت؛ أو فصرفك عن خلقه غيرك، ومغيرك بخلقه فارقت خلقة سائر الحيوانات، { فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} أي: ركبك في أي صورة شاءها.

{كَلَّا} ردع للاغترار بكرم الله، وقوله: { بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)} إضراب إلى بيان ما هو السبب الأصلي في اغترارهم؛ والمراد بالدين: الجزاء، أو الإسلام، {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} تحقيق لما يكذبون به، ورد لما يتوقعون من التسامح والإهمال؛ وتعظيم الكتبة بكونهم كراما عند الله لتعظيم الجزاء.

{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)} بيان لما يكتبون لأجله، { يَصْلَوْنَهَا} يقاسون حرها { يَوْمَ الدِّينِ (15) وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ (16)} لخلودهم فيها.

 {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17)}؟ تفخيم لشأنه، { ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18)} تعجيب وتفخيم ثان لشأن اليوم أيضا، أي: كنه أمره، بحيث لا تدركه دراية دار، { يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)} تقرير لشدة هوله، ومخافة أمره إجمالا.